مشكلة الطلاق

خلاصة كتاب
دليل الإرشاد الأسري (4)
مشكلة الطلاق
وكيف يتعامل معها المرشد
إعداد: نخبة من المختصين والمختصات
الإشراف العام: د. عبد الله بن ناصر السدحان
مقدمة:
تكملة لسلسة الإرشاد الأسري يأتي الجزء الرابع ليتناول (مشكلة الطلاق وكيف يتعامل معها المرشد الأسري). وهي من المشاكل الأكثر ترددًا على المرشدين، حيث يقف المسترشد والمسترشدة عندهم لإعلان استحالة متابعة الحياة الزوجية.
فكيف سيتعامل المرشد مع هذه المشكلة بأقل الخسائر النفسية والاجتماعية على جميع الأطراف، وبخاصة في وجود الأبناء؟
لماذا مشكلة الطلاق؟
بات من الضروري محاصرة الطلاق بجيوش العلم، وبالمهنية العالية في التعامل مع قضاياه، وبخاصة في حالات الطلاق العبثي، كما سنرى عند حديثي العهد بالزواج، فهناك تساهل خطير في كلمة الطلاق، وهي أول ما يخطر ببال الأزواج عند وقوع أي مشكلة. ومع ذلك كله يجب ألا نغفل عن كون الطلاق هو العلاج الناجح والوحيد لبعض المشكلات الأسرية.
الطلاق: أنواعه وأهم أحكامه:
تسري على الطلاق الأحكام الشرعية الخمس (الوجوب، الاستحباب، التحريم، الكراهة، الإباحة)، ينقسم الطلاق إلى ثلاثة أنواع: طلاق سني أذن الشرع فيه ووافق أمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-في إيقاعه صفة وعدداً، وطلاق بدعي خلاف ما جاءت به السنة، وطلاق لا سنة فيه ولا بدعة: والمقصود به وقت وقوع الطلاق، وتدخل فيه (الآيسة، والصغيرة التي لم تحيض، والمختلعة، وغير المدخول بها).
حجم مشكلة الطلاق في المجتمع السعودي وخصائصها:
مع التغير الاجتماعي الذي يمر به؛ تفكك المجتمع السعودي ليبحث عما هو أصلح؛ فحدثت مستجدات في الزواج وطرقه وعاداته وفي الطلاق وأسبابه والمشكلات المترتبة عليه. وقد أظهرت الإحصائيات أن نسب الطلاق في المملكة العربية السعودية تزيد عن نسب الطلاق في معظم الدول الخليجية الأخرى، وأن منطقة الرياض تنفرد دون غيرها من المناطق الإدارية بارتفاع نسب حالات الطلاق.
وإن الخصائص السلبية لمشكلة الطلاق على المرأة المطلقة عديدة، فالمجتمع يقلل من شأنها، ولا يقبل الرجال الزواج بها، فتشعر بالقلق وعدم الأمان والفشل. ويعتبر البعض الطلاق عار يجب التخلص منه بزواج آخر سريع.
ولعل من المهم لفت الانتباه إلى مواقف الأبناء من هذا الطلاق، فهم إما سيقفون مع والدتهم ضد هذا الظلم والاستبداد المجتمعي، فيصبح لديهم انحراف فكري وسلوكي تجاه المجتمع، الذي سيعتبرونه ظالما، أو أنهم سيقفون مع المجتمع ضد والدتهم (المطلقة) لأنها لم تستطع التوافق والاستمرار مع والدهم، فيؤثر على تفكيرهم وسلوكهم تجاه المرأة بحيث تتكون لديهم نظرة سلبية تجاهها.
أسباب الطلاق ومراحله:
- الأسباب الشرعية: تشمل كل ما يخل بالعقيدة الإسلامية وعدم التوافق في الالتزام الديني بين الزوجين.
- الأسباب الأخلاقية: تشمل سوء الخُلق، كالغضب الشديد المستمر، والسب والاستهزاء، وعدم الأمانة والصبر، وإخلاف الوعد، وعدم الرحمة، والإدمان والخيانة.
- الأسباب الاجتماعية: تتعلق بالعائلة وتدخلها في حياة الزوجين، والمستوى المعيشي المنخفض، وعدم القدرة على الإيفاء بمتطلبات الحياة الزوجية والأبناء.
- الأسباب الشخصية: كل ما يتعلق بالزوجين وتوافقهما معاً: التوافق النفسي والعمري والصحي والتربوي والثقافي والجنسي.
ويمكن تصنيف تدرج ظهور الأسباب وتطورها في مراحل توصل في النهاية إلى الطلاق كما يلي:
- النقد الدائم.
- التفسير السلبي للآخر.
- التحقير والاستهزاء والسخرية من الطرف الآخر.
- تصعيد الخلاف وإعطاؤه حجماً أكبر مما يستحق.
- الانسحاب السلبي نفسياً وجسدياً من الحياة الزوجية.
الآثار الاجتماعية الناتجة عن الطلاق:
- الآثار المرتبطة بمراحل الطلاق: ويمر بها كلا الزوجين، وتحدث متتابعة، وتؤدي إحداها إلى الأخرى كما يلي: الانفصال الفكري؛ الانفصال الوجداني؛ الانفصال الجسدي؛ الانفصال الشرعي والقانوني؛ الانفصال الاقتصادي والمادي؛ الانفصال الأبوي؛ الانفصال النفسي الانفعالي.
- الآثار المرتبطة بأعضاء النسق الأسري والمجتمع: وتنقسم إلى: آثار على الزوجة مثل تدني فرصها في الزواج مرة ثانية، آثار على الزوج مثل شعوره بالفشل، آثار على الأبناء مثل الخوف من المستقبل، آثار على المجتمع مثل شيوع ثقافة العنف.
الآثار النفسية الناتجة عن الطلاق:
الطلاق قد يكون حلاً ضرورياً لكثير من الخلافات والصراعات، ولكن في أغلب الحالات هو مؤلم وقاسي للزوج والزوجة والأطفال على حد سواء. ومن أكثر الآثار النفسية للطلاق؛ الاضطراب في التوافق النفسي الذي ينتج عنه الهرب من المجتمع أو اللجوء إلى استعطاف المحيطين أو التعدي عليهم.
والآثار النفسية للطلاق على الأبناء تتمثل في رفض وإنكار الطلاق، والخوف من الترك والهجر، وإظهار العدوانية مع أقرانهم، والحزن والكآبة، والشعور باللوم والذنب، والحرمان العاطفي.
ويختلف تكيّف الرجال والنساء على مرحلة ما بعد الطلاق، فالنساء يبدأن بإضافة أدوار جديدة في حياتهن، ولكن هذا يعكره شعورها بخيبة أمل وإحباط وفشل، يصاحبه خوف من المستقبل.
تهيئة الزوجين لتحقيق الطلاق العلاجي:
دور المرشد الزوجي والأسري لا يقتصر على مساعدة الأزواج على تجاوز مشكلاتهم واختلافاتهم، وإنما يمتد دوره إلى توجيه الزوجين نحو إجراءات الطلاق السليم، وتبصيرهما بالتالي:
- حتمية الصدمة العاطفية: فالطلاق مهما كان متفقاً عليه، سيبقى ذكرى مؤلمة وغير سارة.
- ضرورة التكيّف مع موقف المجتمع من الطلاق.
- تختلف مشاعر الوحدة وإمكانية التكيف بحسب العمر عند الطلاق، وبمدى وجود بيئة مساندة.
- ضرورة تكيّف الأب غير الحاضن للأطفال مع بُعد أطفاله عنه.
- إعادة التوازن الوظيفي والأسري بعد الطلاق يتطلب أعباء إضافية من المرأة.
- يجب أن يكون هناك تنسيق قانوني واجتماعي بين الأبوين بعد الطلاق؛ لمصلحة الأبناء.
المراحل النفسية التي يمر بها المطلقون:
- مرحلة الصدمة.
- مرحلة الفوضى.
- مرحلة اللامبالاة.
- مرحلة الغضب.
- مراحل الأمل.
- مرحلة النمو.
خطوات مهنية يمكن للمرشد اتباعها مع المقبلين على الطلاق:
- طلب المساعدة.
- جمع البيانات والوصف الأولي للمشكلة.
- التعرف على المرحلة التي تمر بها الحياة الزوجية.
- التعرف على المرحلة التي يمر بها الطلاق.
- تقويم الحل.
- التبصير بما بعد الطلاق.
- اتخاذ القرار.
- التهيئة لمرحلة ما بعد اتخاذ القرار.
- الاستمرار في الحياة الزوجية أو الانفصال الفعلي.
- ممارسة الحياة بشكل طبيعي.
خطوات عملية للتكيّف مع مرحلة ما بعد الطلاق:
- الوالدان: إدراكهما لأهمية تعاونهما بعد الطلاق يسهُل إيجاد بيئة مناسبة لتنشئة الأبناء.
- المعلمون: توفير بيئة مناسبة لطلاب الأسر المطلقة يسرع تكيّفهم مع ذاتهم والمجتمع.
- الأطفال: لكل مرحلة عمرية أسلوب مناسب في التعامل تجب مراعاته عند تقديم الدعم.
ولتحقيق التكيّف داخل الأسرة بعد الطلاق، يقسّم المرشد مهمته إلى مرحلتين: مرحلة التقدير: وفيها يتم جمع معلومات عن الزوجين وتحديد المرحلة التي هما فيها والأطراف المتضررة من الطلاق، ومرحلة التدخل العلاجي: وفيها يتم اختيار المعالجة الأنسب لتخفيف حدة الضغوط الانفعالية، انطلاقا من إمكانات البيئة.
وكل برنامج إرشادي يجب أن تتوفر فيه شروط معينة لينجح، مثل قِصر الوقت، وإشراك الأسرة، والتركيز على أولويات العمل، والواقعية والتنوع، والتناسب مع عادات وثقافة المجتمع.